• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    موقف الشيعة من آيات الثناء على السابقين الأولين ...
    الدكتور سعد بن فلاح بن عبدالعزيز
  •  
    الحج: أسرار وثمرات (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل بعض أذكار الصباح والمساء
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    المال الحرام
    د. خالد النجار
  •  
    نصائح متنوعة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    قصة موسى عليه السلام (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    خطبة: لا تغتابوا المسلمين (باللغة البنغالية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    مفهوم المعجزة وأنواعها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (8)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشافي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (11)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    شموع (107)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

العزيز: معاني ودلالات في اللغة والشرع: من كتاب "إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف"

العزيز: معاني ودلالات في اللغة والشرع: من كتاب إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف
د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/4/2025 ميلادي - 9/10/1446 هجري

الزيارات: 304

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العزيز: معاني ودلالات في اللغة والشرع

من كتاب: (إتمام الرصف بذكر ما حَوَتْهُ سورة الصف من الأحكام والوصف)

 

الحمد لله الذي عزَّ جلاله وارتفعت قدرته، فهو العزيز الذي لا يُغلب ولا يُقهر، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

فإن دراسة صفة العزة تفتح آفاقًا لفهم عظمة الله سبحانه وتعالى وجلاله؛ فهي صفة جامعة بين القوة والمنعة والحكمة، في هذا المقال، نسلط الضوء على مفهوم العزة كما ورد في القرآن والسنة، مع التركيز على تفسير الآية الأولى من سورة الصف.

 

هذا التحليل يستند إلى الفوائد المستخلصة من كتاب: (إتمام الرصف بذكر ما حَوَتْهُ سورة الصف من الأحكام والوصف)، للشيخ الدكتور أحمد عبدالرحمن النقيب، أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة المنصورة، مصر، نتناول هنا كيف أن العزة ليست مجرد قوة أو منعة، بل تتضمن الحكمة والعدل والرفعة، مما يبرز كمال صفات الله سبحانه.

 

تُظهر صفة العزة في أسماء الله الحسنى مكانة خاصة؛ فهي تعكس كمال القدرة الإلهية وتمام الملك والسيادة، وهي صفة تدعو للتأمل والتدبر في ارتباطها بسائر صفات الله الأخرى، ولأن العزة المطلقة لا تكون إلا لله، فإن فهم هذه الصفة يساعد المؤمن في إدراك أن أي عزة أخرى - سواء كانت مالًا أو مكانة اجتماعية أو قوة دنيوية - هي عزة ناقصة لا تدوم إلا بتعلقها بالله.

 

يقول الله عز وجل:

﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الصف: 1] قال المصنف حفظه الله: ﴿ وَهُوَ ﴾: الواو للاستئناف، وما بعدها جملة جديدة، ولذا فإن (هو) ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ، والعزيز الحكيم خبران لهذا المبتدأ[1]، وهذا الضمير يعود على (الله) الذي صُرف إليه حقيقة التسبيح من جميع خلقه، كما مر، فجدد العهد بما ذكرناه.

 

﴿ الْعَزِيـزُ ﴾ كاسم مشترك – وأقصد مطلقًا دون تقييد - يُطلق على مسمَّيات؛ حيث يُسمى به أو يتصف، ومما سُمِّي به:

1- الله الكريم: كقوله عن نفسه: ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الصف: 1].


2- نوع من الحديث: ويُقصد به – عند علماء مصطلح الحديث – ألَّا يقل الرواة عن اثنين في سائر سلسلة الرواة، وسُمي عزيزًا: لعزته؛ أي قوته بمجيئه من طريق أخرى أو لقلة وجوده[2].

 

3- صاحب مصر؛ أي: مُتولي أمرها؛ منه قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ ﴾ [يوسف: 30]، وكُررت هذه الكلمة في سورة يوسف مرات عديدة.

 

وقد يُوصف بـ(العزيز) كأن نقول: الله العزيز، ومما يُوصف أيضًا به:

1- القرآن الكريم: كقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ﴾ [فصلت: 41]؛ أي: يصعب مناله ووجود مثله.

 

2- الرسول صلى الله عليه وسلم: ومنه قول الله تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ [التوبة: 128]؛ أي: صعب، ولذا فهي مُعدَّاة بـ(على)، يُقال: عزيز عليَّ، يصعب عليَّ؛ وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم: ((عزيز على الله أن يأخذ كريمتَيْ مسلم ثم يُدخله النار))؛ قال يونس – أحد رواة الحديث - يعني عينيه[3].

 

3- العيش: ومنه في قصة إسلام سلمان الفارسي، عندما اشترته امرأة، قال: "وكان العيش عزيزًا – أي: قليلًا - فقلت لها: هبي لي يومًا، فانطلق فكان يحتطب..."[4].

 

إذًا (عزيز) تصلح كاسم وصفة، وليس اشتراك المسميات في الاسم يجعلها بمعنى واحد، فقد أُطلق حقيقة اسم (العزيز) على الله تعالى، وعلى صاحب مصر، وعلى ضرب من الحديث، وليس معنى هذا أن الله تعالى هو صاحب مصر أو هو هذا النوع من الحديث، ففَهمُ هذا يفتح لك بابًا عظيمًا من الخير في مسألة الصفات الإلهية، والله المستعان.

 

وأصل (العزيز) من عَزَّ يَعِزُّ عِزًّا وعِزَّة، بمعنى: قويَ واشتد، فلا يُوصل إليه، ولا يُنال منه؛ فالعزيز: هو الذي يَقْهر ولا يُقهر، ويَغْلب ولا يُغلب؛ ومنه قوله تعالى: ﴿ وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ﴾ [ص: 23]؛ أي: غلبني[5].

 

ومن مفردات هذا المعنى أن العزيز لا يُذَل ولا يُهان؛ ولذلك لما قال المنافق ابن سلول عند قفول جيش المسلمين من غزوة بني المصطلق ما أخبر الله به: ﴿ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ﴾ [المنافقون: 8]، اعترضه ولده عبدالله بالسيف عند دخوله المدينة، وقال: "والله لا تنفلت - أي لا ترجع - حتى تُقِرَّ أنك الذليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز"، ففعل[6]، ومنه قول أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه في حديث هرقل الطويل المشهور: "والله ما زلت ذليلًا بأن أمره – يقصد النبي صلى الله عليه وسلم – سيظهر..."[7] ، ومفهوم الحديث أن من معاني العزة: الظهور والسيادة.

 

ومن هنا؛ فإن المرء مهما بلغت قوته وسيادته وجاهُه فلن يكون عزيزًا مطلقًا، فالعزيز المطلق الذي تفرَّد في ملكه وجاهه وسلطانه، وحكمه وقيوميته وشأنه - هو الله تعالى، ذلك في الدنيا وأيضًا بعد فنائها؛ ولذلك يقول تعالى بعد هلاك الدنيا: أين ملوك الأرض؟ فلا يجيب أحد؛ فيقول الله تعالى: ﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [غافر: 16]، لقد رأينا من وجوه الناس من يُظَنُّ أنهم أعزة، فانقلب حالهم، وتبدَّلت أمورهم، فصاروا بعد اليَسار عالة، وبعد القوة مرضًا وضعفًا؛ وإليك بعض الأمثلة الحية التي ذكرتها لنا كتب التراث، أما الواقع فهو خير دليل على ذلك:

 

1- في ترجمة الخليفة العباسي أحمد بن الحسن، الناصر لدين الله، كانت خلافته سبعًا وأربعين سنة؛ يقول الصفدي: (ولم يزل الناصر مدة حياته في عز وجلالة، وقمع الأعداء، والاستظهار على الملوك، لم يجد ضيمًا، ولا خرج عليه خارجي إلا قمعه، ولا مخالف إلا دمغه، وكان شديد الاهتمام بالملك ومصالحه، لا يكاد يخفى عليه شيء من أمور رعيته كبارهم وصغارهم... وكانت له حيل لطيفة، ومكائد خفية، وخدع لا يفطَن لها أحد، يُوقع الصداقة بين ملوك متعادين، ويُوقع العداوة بين ملوك متصادقين، وهم لا يشعرون... قال ابن النجار: وملك من المماليك ما لم يملكه سواه ممن تقدمه من الخلفاء، وخُطب له بالأندلس والصين، وكان أسد بني العباس..."[8].

 

انظر إلى هذا الْمُلك العريض، لا تجد له مثيلًا في أيامنا تلك، وانظر إلى هذا الجاه المتسع، وهذه النعمة السابغة، هل دامت له؟ وهل هنأ بها إلى أن مات؟ سبحان الله! فلننظر كيف كانت نهايته مع مرضه؛ يقول ابن الأثير: (بقِي الناصر عاطلًا من الحركة بالكلية – أي: أُصيب بالشلل التام - ثلاث سنين، قد ذهبت إحدى عينيه، وفي الآخر أصابه ذوسنطاريا عشرين يومًا... وتفرَّق أهله في البلاد، وأُخذ أموالهم وأملاكهم، وكان يفعل الشيء وضده، وقال أبو المظفر ابن الجوزي: قلَّ بصر الخليفة في الآخر، وقيل: ذهب جملة، وكان خادمه رشيق قد استولى على الخلافة، وأقام مدة يوقِّع عنه..."[9].

 

2- في ترجمة الخليفة العباسي عبدالله بن علي، الملقب بالمستكفي بالله؛ يقول الصفدي: "بُويع له عند خلع أخيه في صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وقُبض عليه في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين، وسُمِلت عيناه – أي: وُضِع الحديد المحميِّ بالنار فيها - وسُجن في هذه السنة إلى أن مات سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة عن ستٍّ وأربعين سنة، وكان أبيضَ جميلًا..."؛ ا.هـ[10]سبحان الله!

 

3- يقول ابن رجب: "دخلت أم جعفر بن يحيى البرمكي - وذلك بعد أن قتل الخليفة ولدها وأخذ أموالهم، وكانوا من أوسع الناس عزًّا وأكثرهم مالًا - على قوم في عيد الأضحى تطلب جلد كبشٍ تلبسه، وقالت: هجم على مثل هذا العيد، وعلى رأسي أربعمائة وصيفة قائمة، وأنا أزعم أن ابني جعفر عاق لي"[11].

 

4- يقول ابن رجب: "كانت أخت أحمد بن طولون صاحب مصر كثيرة السَّرف في إنفاق المال، حتى إنها زوَّجت بعض لُعبها، فأنفقت على وليمة عرسها مائة ألف دينار[12]، فما مضى إلا قليل حتى رُؤيت في سوق من أسواق بغداد وهي تسأل الناس"[13].

 

انظر إلى هذه الأمثلة، وانظر إلى نفسك وتأمل حالك، ينفلت العمر وينقضي الشباب وتذهب قوته، فهل ترى العزيز القوي أبدًا إلا المليك؟ الكل إلى الموت سائر، وعن الدنيا مرتحل، وإلى لقاء ربه صائر، وتحت الثرى كائن ومستقر، ولمن يأتي بعده سلف وغابر، فمن العزيز القوي أبدًا إلا المليك؟

 

ومن هنا كانت صفة (العزة) المطلقة لله تعالى وحده؛ فهو سبحانه وتعالى المتصف بها على الوجه التام الكامل؛ حيث المنعة والقوة، والرفعة والقدرة في نهايتها وأحديتها[14].

 

ولذا جاز الحلف والتعوذ بها؛ فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((أعوذ بعزتك، الذي لا إله إلا أنت، الذي لا يموت والجن والإنس يموتون))[15] ، وكان صلى الله عليه وسلم عند رُقيته يقول: ((أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأُحاذر))[16].

 

ولما كانت هذه العزة الحقيقية لله؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ﴾ [فاطر: 10]، جعل الله لمن أطاعه ونصر دينه وصفًا من هذه العزة؛ فقال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8]، وانظر إلى جمال نسق القرآن وحسن ترتيب ألفاظه ليدل على مفاهيم التوحيد، ويركز عقائد الإيمان، فلم يذكر العزة إلا لله؛ إذ له العزة جميعًا، ثم أضمرها في شأن من اتبع دينه من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأطهار رضي الله عنهم جميعًا؛ ليدل على أنهم ليسوا أعزة بذواتهم وجهدهم، وإنما تحصَّلت عزتهم واستَدَّ أمرهم بالله تعالى، فإذا قرؤوا ذلك وفهموا هذا المعنى اللطيف، ازدادوا طاعة لله ونصرة لدينه ظاهرًا وباطنًا، فيزيدهم الله عزة ويهيئ لهم أسبابها؛ وهذا ما دفع الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود وهو عَبْد خادم أجير في مكة؛ حيث يقول: "ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه"[17].

 

إذًا هذه هي عزة الإيمان؛ أن يشعر المؤمن الموحِّد أنه عزيز بربه، عزيز بدينه، عزيز بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه هي العزة المحمودة؛ فهي عنوان المسلم، وسر نجاحه وسعادته وتوفيقه، ولذا فهو يُحدث لها شكرًا بعد شكر، فإن ازداد ماله ازداد عطاؤه، وإن ازداد جاهه ازداد تواضعه، وإن ازداد عمره ازداد اجتهاده في طاعة ربه، فهو كذلك إلى أن يموت، أما عزة العصاة – ومنهم الكفار وأهل الدنيا – فهي العزة بالجاه، وبالولد، وبالمال، وبالمنصب، وبالشهادة الدراسية، وبالحسب والنسب والعائلة، والأصحاب والمعارف، والجيران والأصدقاء، بل بالبدن وقوته، والبدن وجماله؛ من حسن الشعر، ونضارة الوجه، وصغر الثغر...؛ إلخ.

 

هذه العزة مذمومة؛ لأنها من باب الكِبر والغرور، وعدم شكر صاحب النعم يجلِب زوالها ويعجِّل بنزول النقم؛ قال تعالى: ﴿ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ﴾ [ص: 2]، أسأل الله الكريم أن يرزقنا العزة، وأن يُعيننا على طاعته، وألَّا يبدل أحوالنا إلا إلى خير.

 

الخلاصة:

العزة في اللغة والشرع:

العزة في اللغة تعني القوة والغلبة والرفعة، وقد وردت كلمة "العزيز" في القرآن الكريم بأوجه متعددة، تُظهر أبعاد هذه الصفة في مختلف السياقات؛ على سبيل المثال:

عزة الله المطلقة: كما في قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الصف: 1]؛ حيث يُظهر الجمع بين العزة والحكمة توازنَ القوة الإلهية بالعدل والرحمة.

 

عزة الإيمان: تتجلى في قول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8]؛ حيث ترتبط عزة المؤمن بتعلقه بالله واتباعه لرسوله الكريم.

 

عزة زائفة: كما في قوله تعالى: ﴿ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ﴾ [ص: 2]؛ حيث تشير إلى عزة الكافرين القائمة على الغرور والكِبر.

 

العزة كصفة جامعة:

من خلال هذه الأوجه، ندرك أن العزة التي تُنسب إلى الله هي عزة مطلقة تامة لا تنقصها صفة، بينما عزة الإنسان تكون محدودة وقابلة للزوال إذا انقطعت عن طاعة الله، ولعل هذا يوضح أهمية استمداد المؤمن قوته وعزته من علاقته بربه، ليعيش حياة تملؤها الطمأنينة والثبات.

 

إن التأمل في صفة العزة يضعنا أمام حقيقة جوهرية؛ أن الله سبحانه وتعالى هو العزيز وحده، ولا تُنال العزة إلا بطاعته والالتزام بدينه، المؤمن الذي يستمد عزه من الله يعيش حياته بثبات وطمأنينة، مدركًا أن عزة الإيمان ترفع قدره في الدنيا والآخرة.

 

وتتجلى عزة المؤمن في سلوكه وأفعاله؛ حيث يكون متواضعًا مع الناس، حريصًا على العدل والإحسان، مجتهدًا في طاعة ربه، وهذا الفهم يجعل المؤمن أكثر وعيًا بقيمة العزة المستمدة من الله، مقابل زيف العزة الدنيوية القائمة على المال أو الجاه أو القوة، التي سرعان ما تزول بزوال أسبابها.

 

وفي الختام، نسأل الله أن يرزقنا العزة الحقيقية التي لا تزول، ويُعيننا على طاعته واتباع دينه، وأن يجعلنا من عباده الذين يعيشون معانيَ الإيمان في أقوالهم وأفعالهم، فينالون عز الدنيا وكرامة الآخرة؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.



[1] انظر الدرويش: محيي الدين بن أحمد مصطفى (ت 1403هـ)، إعراب القرآن وبيانه (9/162)، دار اليمامة – دمشق - بيروت، دار ابن كثير – دمشق - بيروت، ط. الرابعة = 1415.

[2] انظر السيوطي: جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر (ت911هـ)، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (2/632)، تحقيق: أبي قتيبة نظر محمد الفاريابي، دار طيبة.

[3] أخرجه أحمد في "المسند" (6/365) من حديث عائشة بنت قدامة بن مظعون مرفوعًا به.

[4] صحيح: أخرجه أحمد في "المسند" (5/438) من حديث أبي قرة، عن سلمان، وأبو قرة الكندي هو سلمة بن معاوية سمِع من سلمان وروى عنه؛ [انظر لابن سعد: أبي عبدالله محمد بن سعد بن منيع (ت230هـ)، الطبقات الكبرى (6/196)، تحقيق: محمد عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية - بيروت، ط. الأولى = 1410 - 1990م، وللمزي: يوسف بن عبدالرحمن بن يوسف (ت742هـ)، تهذيب الكمال في أسماء الرجال (22/191) عند ترجمة عمرو بن أبي قرة، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة – بيروت، ط. الأولى = 1400 - 1980م، ولابن أبي حاتم: أبي محمد عبدالرحمن بن محمد بن إدريس (ت327هـ)، المراسيل (1/148، ترجمة: عمرو بن أبي قرة)، تحقيق: شكر الله نعمة الله قوجاني، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط. الأولى = 1397، ووثقه ابن حبان: محمد بن حبان البستي (ت354هـ)، في الثقات (5/587)، دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند، ط. الأولى = 1393 - 1973م، وأصل القصة من غير هذه الجملة، إسناده صحيح، أخرجه ابن إسحاق: محمد بن إسحاق بن يسار (ت151هـ)، بالتحديث في السيرة النبوية (1/87)، تحقيق: سهيل زكار، دار الفكر - بيروت، ط. الأولى = 1398 - 1978م، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه أحمد في المسند (23712)، والحاكم (2/16 - المستدرك)، والبيهقي: أحمد بن الحسين بن علي بن موسى (ت458هـ)، دلائل النبوة (2/82)، دار الكتب العلمية – بيروت، ط. الأولى = 1405، وأبو نعيم: أحمد بن عبدالله بن أحمد (ت430هـ) في دلائل النبوة (1/258)، تحقيق: الدكتور محمد رواس قلعه جي، عبدالبر عباس، دار النفائس - بيروت، ط. الثانية = 1406 - 1986م، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح السيرة النبوية (ص/62)، المكتبة الإسلامية - عمان – الأردن، ط. الأولى].

[5] انظر في هذا الراغب: المفردات (ص/564)، والفيروزأبادى: القاموس (ص/517).

[6] أخرجه الترمذي (3315) كتاب التفسير، وقال: حديث حسن صحيح، وأصل القصة – دون الاعتراض – عند مسلم (2584) وأحمد (المسند) (3/393)، كلهم من حديث جابر بن عبدالله.

[7] صحيح: أخرجه البخاري (2941) كتاب الجهاد، باب/102، وأحمد في المسند (1/263) من حديث ابن عباس.

[8] الصفدي: صلاح الدين خليل بن أيبك (ت764هـ)، نكث الهميان في نكت العميان (ص/69)، علق عليه ووضع حواشيه: مصطفى عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط. الأولى = 1428 - 2007م.

[9] نقله الصفدي: نكث الهميان ص/71.

[10] الصفدي: نكث الهميان ص/163.

[11] ابن رجب: زين الدين عبدالرحمن بن أحمد (ت795هـ)، لطائف المعارف فيما لمِواسم العام من الوظائف (ص/29)، دار ابن حزم للطباعة والنشر، ط. الأولى = 1424 - 2004م.

[12] انظر إلى هذا الصنيع الأخرق الذي يذكرنا بصنيع أمثالهم في هذا الزمان، حيث ينفقون هذه النفقات على كلابهم وقططهم، وأكثر من ذلك على ما سيتركونه من قصور ويختات وقرى سياحية... فإلى الله المشتكى.

[13] ابن رجب: لطائف المعارف (ص/29).

[14] انظر هذه المعاني أيضًا عند ابن حجر: فتح الباري (13/369).

[15] صحيح: أخرجه البخاري (7383) – كتاب التوحيد.

[16] صحيح: أخرجه الترمذي (2080) كتاب الطب، وأبو داود (3891) كتاب الطب، باب كيف الرقى، وابن ماجه (3522) كتاب الطب، ومالك في الموطأ ح/9 – كتاب العين، باب التعوذ والرقية، وأحمد في المسند (16268) وغيره من حديث عثمان بن أبي العاص، كما صححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح/2839 (2/267).

[17] صحيح: أخرجه البخاري (3684) – كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة: تأملات في سورة العنكبوت
  • التجارة الرابحة في سبيل الله: تأملات في تفسير سورة الصف من كتاب إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف
  • التناسق بين القول والعمل: قراءة تحليلية في ضوء سورة الصف - فائدة من كتاب: إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف
  • أنماط التعليم الشرعي في العصر الرقمي: دراسة مقارنة بين التعليم المباشر والإلكتروني والهجين
  • ملخص كتاب: إتمام الرصف بذكر ما حوته سورة الصف من الأحكام والوصف (1)

مختارات من الشبكة

  • أبحاث ودراسات بالشراكة مع قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك عبد العزيز (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز(الجزء الأول)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • معاني أسماء الله: القدوس، السبوح، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معاني أسماء الله الحسنى ومقتضاها (العزيز)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدور كتاب (رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز) للرسعني محققاً(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • صدر حديثاً طبعة جديدة لكتاب (الجامع والتركيز لحفظة الكتاب العزيز) للمقرئ طاهر الرحيمي(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • كتاب الفسر الصغير لابن جني تحقيق عبد العزيز بن ناصر المانع(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اختصار تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد لمحمد طه(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب العقيدة الصحيحة و ما يضادها ( للشيخ عبد العزيز بن باز )(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/11/1446هـ - الساعة: 15:13
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب